فصل: فصل: (زكاة الخيل)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المختار للفتوى ***


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله على جزيل نعمائه، أحمده على جليل آلائه، وأشكره على جميل بلائه، وأشهد أن لا إله إلا هو شهادةً أعدها ليوم لقائه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد رسله، وخاتم أنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأصفيائه، وأحمده على أن جعلني ممن سلك سنن سنته واقتفاه، وورد شريعة شرعه فرواه، حمد من غمرته نعمه وعمته عطاياه‏.‏

وبعد‏:‏ فقد رغب إلى من وجب جوابه على أن أجمع له مختصرًا في الفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وأرضاه، مقتصرًا فيه على مذهبه، معتمدًا فيه على فتواه، فجمعت له هذا المختصر كما طلبه وتوخاه، وسميته‏:‏ المختار للفتوى لأنه اختاره أكثر الفقهاء وارتضاه‏.‏

ولما حفظه جماعة من الفقهاء واشتهر، وشاع ذكره بينهم وانتشر، طلب مني بعض أولاد بني أخي النجباء أن أرمزه رموزًا يعرف بها مذاهب بقية الفقهاء، لتكثر فائدته، وتعم عائدته، فأجبته إلى طلبه، وبادرت إلى تحصيل بغيته بعد أن استعنت بالله وتوكلت عليه واستخرته وفوضت أمري إليه، وجعلت لكل اسم من أسماء الفقهاء حرفا يدل عليه من حروف الهجاء وهي‏:‏ لأبي يوسف ولمحمد ولهما سم ولزفر وللشافعي والله سبحانه وتعالى أسأل أن يوفقني لإتمامه، ويختم لي بالسعادة عند اختتامه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل‏.‏

كتاب الطهـارة

باب الوضوء

من أراد الصلاة وهو محدث فليتوضأ‏.‏

وفرضه‏:‏ غسل الوجه، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح ربع الرأس، وغسل الرجلين مع الكعبين‏.‏

وسنن الوضوء‏:‏ غسل اليدين إلى الرسغين ثلاثا قبل إدخالهما في الإناء لمن استيقظ من نومه، وتسمية الله تعالى في ابتدائه، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا، ومسح جميع الرأس والأذنين بماء واحد، وتخليل اللحية والأصابع، وتثليث الغسل‏.‏

ويستحب في الوضوء النية والترتيب والتيامن ومسح الرقبة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏نواقض الوضوء‏]‏

وينقضه كل ما خرج من السبيلين ومن غير السبيلين إن كان نجسا وسال عن رأس الجرح والقئ ملء الفم، وإن قاء دما أو قيحا نقض وإن لم يملإ الفم، وإذا اختلط الدم بالبصاق إن غلبه نقض، وينقضه النوم مضطجعا، وكذلك المتكئ والمستند والإغماء والجنون، والنوم قائما وراكعًا وساجدًا وقاعدًا ومس المرأة لا ينقض الوضوء، وكذا مس الذكر والقهقهة في الصلاة تنقض‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏فروض الغسل‏]‏

فرض الغسل‏:‏ المضمضة والاستنشاق وغسل جميع البدن‏.‏

وسننه‏:‏ أن يغسل يديه وفرجه، ويزيل النجاسة عن بدنه، ثم يتوضأ للصلاة، ثم يفيض الماء على جميع بدنه ثلاثًا‏.‏ ويوجبه غيبوبة الحشفة في قبل أو دبر على الفاعل والمفعول به، وإنزال المنى على وجه الدفق والشهوة، وانقطاع الحيض والنفاس؛ ومن استيقظ فوجد في ثيابه منيًا أو مذيًا فعليه الغسل، وغسل الجمعة والعيدين والإحرام سنة، ولا يجوز للمحدث والجنب مس المصحف إلا بغلافه، ولا يجوز للجنب قراءة القرآن، ويجوز له الذكر والتسبيح والدعاء، ولا يدخل المسجد إلا لضرورة، والحائض والنفساء كالجنب‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما تجوز الطهارة به‏]‏

تجوز الطهارة بالماء الطاهر في نفسه المطهره لغيره كالمطر وماء العيون والآبار، وإن تغير بطول المكث، ويجوز بماء خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه كالزعفران والأشنان وماء المد، ولا تجوز بماء غلب عليه غيره فأزال عنه طبع الماء، كالأشربة والخل وماء الورد وتعتبر الغلبة بالأجزاء، والماء الراكد إذا وقعت فيه نجاسة لا يجوز به الوضوء إلا أن يكون عشرة أذرع في عشرة، والماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة ولم ير لها أثر جاز الوضوء منه، والأثر طعم أو لون أو ريح، وما كان مائي المولد من الحيوان موته في الماء لا يفسده وكذا ما ليس له نفس سائلة كالذباب والبعوض والبق، وما عداهما يفسد الماء القليل، والماء المستعمل لا يطهر الأحداث، وهو ما أزيل به حدث، أو استعمل في البدن على وجه القربة ويصير مستعملا إذا انفصل عن العضو، وكل إهاب دبغ فقد طهر إلا جلد الآدمي لكرامته، والخنزير لنجاسة عينه، وشعر الميتة وعظمها طاهر، وشعر الإنسان وعظمه طاهر‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏وقوع النجاسة في بئر‏]‏

إذا وقعت في البئر نجاسة فأخرجت ثم نزحت طهرت، وإذا وقع في آبار الفلوات من البعر والروث والأخثاء لا ينجسها ما لم يستكثره الناظر، وخرء الحمام والعصفور لا يفسدها، وإذا مات في البئر فأرة أو عصفورة أو نحوهما نزح منها عشرون دلوًا إلى ثلاثين، وفي الحمامة والدجاجة ونحوهما من أربعين إلى ستين، وفي الآدمي والشاة والكلب جميع الماء، وإن انتفخ الحيوان أو تفسخ نزح جميع الماء، ويعتبر في كل بئر دلوها، وإذا لم يمكن إخراج جميع الماء نزح منها مائتا دلو إلى ثلاثمائة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏سؤر الآدمي والفرس‏]‏

سؤر الآدمي والفرس وما يؤكل لحمه طاهر‏.‏

والثاني مكروه وهو سؤر الهرة والدجاجة المخلاة، وسواكن البيوت، وسباع الطير‏.‏ والثالث نجس وهو سؤر الخنزير والكلب وسباع البهائم والرابع مشكوك فيه، وهو سؤر البغل والحمار، وعند عدم الماء يتوضأ ويتيمم‏.‏

باب التيمم

من لم يقدر على استعمال الماء لبعده ميلًا أو لمرض أو برد أو خوف عدو أو عطش أو عدم آلة، يتيمم بما كان من أجزاء الأرض كالتراب والرمل والجص والكحل ولا بد فيه من الطهارة والنية، ويستوي فيه المحدث والجنب والحائض؛ وصفة التيمم أن يضرب بيديه على الصعيد فينفضهما ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضربهما كذلك، ويمسح بكل كف ظهر ذراع الأخرى وباطنها مع المرفق والاستعاب شرط، ويجوز قبل الوقت وقبل طلب الماء، ولو صلى بالتيمم ثم وجد الماء لم يعد، وإن وجده في خلال الصلاة توضأ واستقبل، ويصلى بالتيمم الواحد ما شاء من الصلوات كالوضوء؛ ويستحب تأخير الصلاة لمن طمع في الماء، وتجوز الصلاة على الجنازة بالتيمم إذا خاف فوتها لو توضأ، وكذلك صلاة العيد، ولا يجوز للجمعة وإن خاف الفوت، ولا للفرض إذا خاف فوت الوقت، وينقضه نواقض الوضوء والقدرة على الماء واستعماله ولو صلى المسافر بالتيمم ونسي الماء في رحله لم يعد، ويطلب الماء من رفيقه فإن منعه تيمم، ويشتري الماء بثمن المثل إذا كان قادرًا عليه، ولا يجب عليه أن يشتريه بأكثر، ولا يجمع بين الوضوء والتيمم، فمن كان به جراحة غسل بدنه إلا موضعها، ولا يتيمم لها‏.‏

باب المسح على الخفين

ويجوز لمن وجب عليه الوضوء لا الغسل، ويشترط لبسهما على طهارة كاملة، ويمسح المقيم يومًا وليلةً، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها عقيب الحدث بعد اللبس، ويمسح على ظاهرهما خطوطًا بالأصابع، وفرضه مقدار ثلاثة أصابع من اليد، والسنة أن يبدأ من أصابع الرجل إلى الساق، ولا يجوز على خف فيه خرق يبين منه مقدار ثلاثة أصابع من أصابع الرجل الصغار، وتجمع خروق كل خف على حدته، ويجوز المسح على الجرموق فوق الخف، ويجوز على الجوربين إذا كانا ثخينين أو مجلدين أو منعلين؛ وينقضه ما ينقض الوضوء ونزع الخف ومضى المدة، فإذا مضت المدة نزعهما وغسل رجليه، وخروج القدم إلى ساق الخف نزع، ولو مسح مسافر ثم أقام بعد يوم وليلة نزع، وقبل ذلك يتم يومًا وليلةً، ولو مسح مقيم ثم سافر قبل يوم وليلة تمم مدة المسافر، ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة والبرقع والقفازين، ويجوز على الجبائر وإن شدها على غير وضوء فإن سقطت عن برء بطل‏.‏

باب الحيض

وهو الدم الذي تصير المرأة به بالغةً، وأقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها، وأكثره عشرة بلياليها، وما نقص عن أقله، وما زاد على أكثره، وما تراه الحامل استحاضة، وهو لا يمنع الصوم ولا الصلاة ولا الوطء، وما تراه المرأة من الألوان في مدة حيضها حيض حتى ترى البياض الخالص والطهر المتخلل في المدة حيض، وهو يسقط عن الحائض الصلاة أصلًا‏.‏

ويحرم عليها الصوم فتقضيه، ويحرم وطؤها، ويكفر مستحله، ويستمتع بها ما فوق الإزار، وإن انقطع دمها لأقل من عشرة أيام لم يجز وطؤها حتى تغتسل، أو يمضي عليها وقت صلاة، وإن انقطع لعشرة جاز قبل الغسل، وأقل الطهر خمسة عشر يومًا، ولا حد لأكثره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏المستحاضة ومن به سلس البول‏]‏

المستحاضة ومن به سلس البول، وانطلاق البطن، وانفلات الريح، والرعاف الدائم، والجرح الذي لا يرقأ يتوضئون لوقت كل صلاة، ويصلون به ما شاءوا، فإذا خرج الوقت بطل وضوءهم فيتوضئون لصلاة أخرى، والمعذور هو الذي لا يمضي عليه وقت صلاة إلا والحدث الذي ابتلي به موجود، وإذا زاد الدم على العشرة ولها عادة فالزائد على عادتها استحاضة وإذا بلغت مستحاضةً فحيضتها عشرة من كل شهر والباقي استحاضة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏النفاس‏]‏

النفاس‏:‏ الدم الخارج عقيب الولادة، ولا حد لأقله، وأكثره أربعون يوما‏.‏ وإذا جاوز الدم الأربعين ولها عادة فالزائد عليها استحاضة، فإن لم يكن لها عادة فنفاسها أربعون، والنفاس في التوأمين عقيب الأول، والسقط الذي استبان بعض خلقه ولد‏.‏

باب الأنجاس وتطهيرها

النجاسة غليظة وخفيفة، فالمانع من الغليظة أن يزيد على قدر الدرهم مساحةً إن كان مائعًا، ووزنًا إن كان كثيفًا، والمانع من الخفيفة أن يبلغ ربع الثوب، وكل ما يخرج من بدن الإنسان وهو موجب للتطهير فنجاسته غليظة، وكذلك الروث والأخثاء، وبول الفأرة، والصغير والصغيرة أكلا أولًا، والمنى نجس يجب غسل رطبه، ويجزئ الفرك في يابسه، وإذا أصاب الخف نجاسة لها جرم كالروث فجف فدلكه بالأرض جاز والرطب وما لا جرم له كالخمر لا يجوز فيه إلا الغسل، والسيف والمرآة يكتفي بمسحهما فيهما، وإذا أصابت الأرض نجاسة فذهب أثرها جازت الصلاة عليها دون التيمم، وبول ما يؤكل لحمه، وبول الفرس، ودم السمك، ولعاب البغل والحمار، وخرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور نجاسته مخففة، وخرء ما يؤكل لحمه من الطيور طاهر إلا الدجاج والبط الأهلي فنجاستهما غليظة، وإذا انتضح عليه البول مثل رءوس الإبر فليس بشيء‏.‏

ويجوز إزالة النجاسة بالماء وبكل مائع طاهر كالخل وماء الورد، فإن كان لها عين مرئية فطهارتها زوالها، ولا يضر بقاء أثر يشق زواله، وما ليس بمرئية فطهارتها أن يغسله حتى يغلب على ظنه طهارته ويقدر بالثلاث أو بالسبع قطعًا للوسوسة، ولا بد من العصر في كل مرة، وكذلك يقدر في الاستنجاء‏.‏

والاستنجاء سنة من كل ما يخرج من السبيلين إلا الريح، ويجوز بالحجر وما يقوم مقامه يمسحه حتى ينقيه، والغسل أفضل، وإذا تعدت النجاسة المخرج لم يجز إلا الغسل، ولا يستنجى بيمينه ولا بعظم ولا بروث ولا بطعام، ويكره استقبال القبلة واستدبارها في الخلاء‏.‏

كتاب الصلاة

باب مواقيت الصلاة

وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني المعترض إلى طلوع الشمس، ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يبلغ الظل مثليه سوى فئ الزوال، وإذا خرج وقت الظهر على الاختلاف دخل وقت العصر، وآخر وقتها ما لم تغرب الشمس، وإذا غابت الشمس دخل وقت المغرب، وآخره ما لم يغب الشفق، وإذا خرج وقت المغرب دخل وقت العشاء، وآخره ما لم يطلع الفجر، ووقت الوتر وقت العشاء‏.‏

ويستحب الإسفار بالفجر، والإبراد بالظهر في الصيف، وتقديمها في الشتاء، وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس، وتعجيل المغرب، وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل ويستحب في الوتر آخر الليل، فإن لم يثق بالانتباه أوتر أوله، ويستحب تأخير الفجر والظهر والمغرب، وتعجيل العصر والعشاء يوم الغيم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أوقات لا تجوز الصلاة فيها‏]‏

لا تجوز الصلاة وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة عند طلوع الشمس وزوالها وغروبها إلا عصر يومه عند الغروب، ولا يتنفل بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب، ولا بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر، ولا قبل المغرب، ولا قبل صلاة العيد، ولا إذا خرج الإمام يوم الجمعة، ولا يجمع بين صلاتين في وقت واحد في حضر ولا سفر إلا بعرفة والمزدلفة‏.‏

باب الأذان

وصفته معروفة ولا ترجيع فيه، والإقامة مثله، ويزيد فيها بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين، وهما سنتان للصلوات الخمس والجمعة، يزيد في أذان الفجر بعد الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين، ويرتل الأذان، ويحدر الإقامة، ويستقبل بهما القبلة، ويجعل إصبعيه في أذنيه ويحول وجهه يمينًا وشمالًا بالصلاة والفلاح، ويجلس بين الأذان والإقامة إلا في المغرب، ويكره التلحين في الأذان، وإذا قال حي على الصلاة قام الإمام والجماعة، وإذا قال قد قامت الصلاة كبروا، وإذا كان الإمام غائبًا أو هو المؤذن لا يقومون حتى يحضر، ويؤذن للفائتة ويقيم، ولا يؤذن لصلاة قبل وقتها، ولا يتكلم في الأذان والإقامة، ويؤذن ويقيم على طهارة‏.‏

باب ما يفعل قبل الصلاة

وهي ست فرائض‏:‏ طهارة البدن من النجاستين، وطهارة الثوب، وطهارة المكان، وستر العورة، واستقبال القبلة، والنية، وعورة الرجل ما تحت سرته إلى تحت ركبته، وكذلك الأمة وبطنها وظهرها عورة، وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها؛ وفي القدم روايتان، ومن لم يجد ما يزيل به النجاسة صلى معها ولم يعد، ومن لم يجد ثوبًا صلى عريانًا قاعدًا موميًا، وهو أفضل من القيام، ومن كان بحضرة الكعبة يتوجه إلى عينها، وإن كان نائيًا عنها يتوجه إلى جهتها، وإن كان خائفًا يصلي إلى أي جهة قدر، وإن اشتبهت عليه القبلة وليس له من يسأله اجتهد وصلى ولا يعيد وإن أخطأ، فإن علم بالخطأ وهو في الصلاة استدار وبنى، وإن صلى بغير اجتهاد فأخطأ أعاد، وينوي الصلاة التي يدخل فيها نيةً متصلةً بالتحريمة، وهي أن يعلم بقلبه أي صلاة هي، ولا معتبر باللسان، وإن كان مأمومًا ينوي فرض الوقت والمتابعة‏.‏

باب الأفعال في الصلاة

وينبغي للمصلي أن يخشع في صلاته ويكون نظره إلى موضع سجوده، ومن أراد الدخول في الصلاة كبر، ويرفع يديه ليحاذي إبهاماه شحمتي أذنيه، ولا يرفعهما في تكبيرة سواها، ثم يعتمد بيمينه على رسغ يساره تحت سرته ويقول‏:‏ سبحانك اللهم إلى آخره، ويتعوذ، ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ويخفيها، ثم إن كان إمامًا جهر بالقراءة في الفجر والأوليين من المغرب والعشاء وفي الجمعة والعيدين، وإن كان منفردًا إن شاء جهر وإن شاء خافت، وإن كان مأمومًا لا يقرأ، وإذا قال الإمام ولا الضالين، قال‏:‏ آمين، ويقولها المأموم ويخفيها، فإذا أراد الركوع كبر وركع، ووضع يديه على ركبتيه، ويفرج أصابعه ويبسط ظهره، ولا يرفع رأسه ولا ينكسه، ويقول‏:‏ سبحان ربي العظيم ثلاثًا، ثم يرفع رأسه ويقول‏:‏ سمع الله لمن حمده، ويقول المؤتم ربنا لك الحمد، ثم يكبر، ويسجد على أنفه وجبهته‏.‏

وبضع ركبته قبل يديه، ويضع يديه حذاء أذنيه، ويبدي ضبعيه، ويجافي بطنه عن فخيه، ولا يفترش ذراعيه، ويقول‏:‏ سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، ولو سجد على كور عمامته أو فاضل ثوبه جاز، ثم يكبر ويرفع رأسه ويجلس، فإذا جلس كبر وسجد، ثم يكبر وينهض قائمًا ويفعل كذلك في الركعة الثانية إلا الاستفتاح والتعوذ، فإذا رفع رأسه في الركعة الثانية من السجدة الثانية افترش رجله اليسرى فجلس عليها ونصب اليمنى، ووجه أصابعه نحو القبلة، ووضع يديه على فخذيه، وبسط أصابعه وتشهد‏.‏

والتشهد‏:‏ التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ولا يزيد على التشهد في القعدة الأولى، ثم ينهض مكبرًا ويقرأ فيهما فاتحة الكتاب، ويجلس في آخر الصلاة، ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو بما شاء مما يشبه ألفاظ القرآن والأدعية المأثورة، ثم يسلم عن يمينه فيقول‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏وجوب الوتر‏]‏

الوتر واجب‏,‏ وهي ثلاث ركعات كالمغرب لا يسلم بينهن، ويقرأ في جميعها، ويقنت في الثالثة قبل الركوع، ويرفع يديه ويكبر، ثم يقنت، ولا قنوت في غيرها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏فرضية القراءة في الركعتين الأوليين وسنيتها في الأخريين‏]‏

القراءة فرض في ركعتين سنة في الأخريين، وإن سبح فيهما أجزأه، ومقدار الفرض آية في كل ركعة، والواجب الفاتحة والسورة أو ثلاث آيات‏.‏ والسنة أن يقرأ في الفجر والظهر طوال المفصل، وفي العصر والعشاء أوساطه، وفي المغرب قصاره، وفي حالة الضرورة والسفر يقرأ بقدر الحال، ولا يتعين شيء من القرآن لشيء من الصلوات، ويكره تعيينه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏صلاة الجماعة‏]‏

الجماعة سنة مؤكدة، وأولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة، ثم أقرؤهم، ثم أورعهم، ثم أسنهم، ثم أحسنهم خلقًا، ثم أحسنهم وجهًا، ولا يطول بهم الصلاة، ويكره إمامة العبد والأعرابي والأعمى والفاسق وولد الزنا والمبتدع، ولو تقدموا وصلوا جاز، ولا تجوز إمامة النساء والصبيان للرجال، ومن صلى بواحد أقامه عن يمينه، فإن صلى باثنين أو أكثر تقدم عليهم، ويصف الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء، ولا تدخل المرأة في صلاة الرجل إلا أن ينويها الإمام، وإذا قامت إلى جانب رجل في صلاة مشتركة فسدت صلاته، ويكره للنساء حضور الجماعات، وأن يصلين جماعةً، فإن فعلن وقفت الإمام وسطهن، ولا يقتدي الطاهر بصاحب عذر، ولا القارئ بالأمي، ولا المكتسي بالعريان، ولا من يركع ويسجد بالمومي ولا المفترض بالمتنفل، ولا المفترض بمن يصلي فرضًا آخر‏.‏ ويجوز اقتداء المتوضئ بالمتيمم، والغاسل بالماسح، والقائم بالقاعد، والمتنفل بالمفترض‏.‏ ومن علم أن إمامه على غير طهارة أعاد ويجوز أن يفتح على إمامه وإن فتح على غيره فسدت صلاته، ومن حصر عن القراءة أصلًا فقدم غيره جاز، وإن قنت إمامه في الفجر سكت‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يكره للمصلي فعله‏]‏

يكره للمصلي أن يعبث بثوبه، أو يفرقع أصابعه، أو يتخصر، أو يعقص شعره، أو يسدل ثوبه، أو يقعى أو يلتفت، أو يتربع بغير عذر، أو يقلب الحصى إلا لضرورة، أو يرد السلام بلسانه أو بيده، أو يتمطى، أو يتثاءب، أو يغمض عينيه، أو يعد التسبيح أو الآيات ولا بأس بقتل الحية والعقرب في الصلاة، وإن أكل أو شرب أو تكلم أو قرأ من المصحف فسدت صلاته، وكذلك إذا أن أو تأوه أو بكى بصوت إلا أن يكون من ذكر الجنة أو النار‏.‏

وإن سبقه الحدث توضأ وبنى، والإستئناف أفضل، وإن كان إمامًا استخلف، وإن جن أو نام فاحتلم أو أغمى عليه استقبل، وإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم، وإن تعمد الحدث تمت صلاته‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏قضاء الفائتة‏]‏

ويقضي الفائتة إذا ذكرها كما فاتت سفرًا أو حضرًا، ويقدمها على الوقتية إلا أن يخاف فوتها، ويرتب الفوائت في القضاء‏.‏ ويسقط الترتيب بالنسيان، وخوف فوت الوقتية، وأن تزيد على خمس وإذا سقط الترتيب لا يعود، ويقضي الصلوات الخمس والوتر، وسنة الفجر إذا فاتت معها، والأربع قبل الظهر يقضيها بعدها‏.‏

باب النوافل

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتًا في الجنة‏:‏ ركعتين قبل الفجر، وأربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء‏.‏ ويستحب أن يصلي بعد الظهر أربعًا، وقبل العصر أربعًا، وبعد المغرب ستًا، وقبل العشاء أربعًا وبعدها أربعًا، ويصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا، ويلزم التطوع بالشروع مضيًا وقضاءً، فإن افتتحه قائمًا ثم قعد لغير عذر جاز ويكره‏.‏ وصلاة الليل ركعتان بتسليمة أو أربع أو ست أو ثمان، ويكره الزيادة على ذلك، وفي النهار ركعتان أو أربع، والأفضل فيهما الأربع، ولا يزيد في النهار على أربع بتسليمة، وطول القيام أفضل من كثرة السجود، والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏صلاة التراويح‏]‏

التراويح سنة مؤكدة وينبغي أن يجتمع أن يجتمع الناس في كل ليلة من شهر رمضان بعد العشاء، فيصلي بهم إمامهم خمس ترويحات، كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين يجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة، وكذا بعد الخامسة، ثم يوتر بهم، ولا يصلي الوتر بجماعة إلا في شهر رمضان، ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر، ويكره قاعدًا مع القدرة على القيام‏.‏ والسنة ختم القرآن في التراويح مرةً واحدةً، والأفضل في السنن المنزل إلا التراويح‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏صلاة الكسوف‏]‏

صلاة كسوف الشمس ركعتان كهيئة النافلة، ويصلي بهم إمام الجمعة، ولا يجهر ولا يخطب، فإن لم يكن صلى الناس فرادى ركعتين أو أربعًا، ويدعون بعدها حتى تنجلي الشمس، وفي خسوف القمر يصلي كل وحده، وكذا في الظلمة والريح وخوف العدو‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الاستسقاء‏]‏

لا صلاة في الاستسقاء، لكن الدعاء والاستغفار، وإن صلوا فرادى فحسن، ولا يخرج معهم أهل الذمة‏.‏

باب سجود السهو

ويسجد له بعد السلام سجدتين ثم يتشهد ويسلم، ويجب إذا زاد في صلاته فعلًا من جنسها، أو جهر الإمام فيما يخافت به أو عكس، ولا يلزم لترك ذكر إلا القراءة والتشهدين والقنوت وتكبيرات العيدين، وإن قرأ في الركوع أو القعود سجد للسهو، وإن تشهد في القيام أو الركوع لا يسجد، ومن سها مرتين أو أكثر تكفيه سجدتان، وإذا سها الإمام فسجد سجد المأموم وإلا فلا، وإن سها المؤتم لا يسجدان، والمسبوق يسجد مع الإمام ثم يقضي، ومن سها عن القعدة الأولى ثم تذكر وهو إلى القعود أقرب عاد وتشهد، وإن كان إلى القيام أقرب لم يعد ويسجد للسهو، وإن سها عن القعدة الأخيرة فقام عاد ما لم يسجد، فإن سجد ضم إليها سادسةً وصارت نفلًا، وإن قعد في الرابعة قدر التشهد ثم قام عاد وسلم، وإن سجد في الخامسة تم فرضه، فيضم إليها ركعةً سادسةً ويسجد للسهو والركعتان له نافلة‏.‏ ومن شك في صلاته فلم يدر كم صلى وهو أول ما عرض له استقبل، فإن كان يعرض له الشك كثيرًا بنى على غالب ظنه فإن لم يكن له ظن بنى على الأقل‏.‏

باب سجود التلاوة

وهو واجب على التالي والسامع، وهي في آخر الأعراف، والرعد، والنحل، وبنى إسرائيل، وحريم، والأولى في الحج، والفرقان، والنمل، والم تنزيل، وص، وحم السجدة، والنجم، والانشقاق، والعلق‏.‏ وشرائطها كشرائط الصلاة وتقضي، فإن تلاها الإمام سجدها والمأموم، وإن تلاها المأموم لم يسجداها، وإن سمعها من ليس في الصلاة سجدها، وإن سمعها المصلي ممن ليس معه في الصلاة سجدها بعد الصلاة، ومن تلاها في الصلاة فلم يسجدها فيها سقطت، ومن كرر آية سجدة في مكان واحد تكفيه سجدة واحدة، وإذا أراد السجود كبر وسجد، ثم كبر ورفع رأسه‏.‏

باب صلاة المريض

إذا عجز عن القيام أو خاف زيادة المرض صلى قاعدًا يركع ويسجد، أو موميًا إن عجز عنهما، وإن عجز عن القعود أومأ مستلقيًا، أو على جنبه، فإن رفع إلى رأسه شيئًا يسجد عليه إن خفض رأسه جاز وإلا فلا، فإن عجز عن الركوع والسجود وقدر على القيام أومأ قاعدًا، فإن عجز عن الإيماء برأسه أخر الصلاة، ولا يومئ بعينيه، ولا بقلبه ولا بحاجبه، ولو صلى بعض صلاته قائمًا ثم عجز فهو كالعجز قبل الشروع، ولو شرع موميًا ثم قدر على الركوع والسجود استقبل ومن أغمى عليه أو جن خمس صلوات قضاها، ولا يقضي أكثر من ذلك‏.‏

باب صلاة المسافر

وفرضه في كل رباعية ركعتان، ويصير مسافرًا إذا فارق بيوت المصر قاصدًا مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام، ويعتبر في الجبل ما يليق به، وفي البحر اعتدال الرياح، ولا يزال على حكم السفر حتى يدخل مصره أو ينوي الإقامة خمسة عشر يومًا في مصر أو قرية، وإن نوى أقل من ذلك فهو مسافر وإن طال مقامه‏.‏ ومن لزمه طاعة غيره كالعسكر والعبد والزوجة يصير مسافرًا بسفره مقيمًا بإقامته، والمسافر يصير مقيمًا بالنية إلا العسكر إذا دخل دار الحرب أو حاصر موضعًا، ونية الإقامة من أهل الأخبية صحيحة، ولو نوى أن يقيم بموضعين لا يصح إلا أن يبيت بأحدهما، والمعتبر في تغير الفرض قصرًا وإتمامًا آخر الوقت، ولا يجوز اقتداء المسافر بالمقيم خارج الوقت، فإن اقتدى به في الوقت أتم الصلاة، فإن أم المسافر المقيم سلم على ركعتين وأتم المقيم، والعاصي والمطيع في الرخص سواء‏.‏

باب صلاة الجمعة

ولا تجب إلا على الأحرار الأصحاء المقيمين بالأمصار، ولا تقام إلا في المصر أو مصلاه، والمصر مالو اجتمع أهله في أكبر مساجده لم يسعهم‏.‏ ولا بد من السلطان أو نائبه ووقتها وقت الظهر، ولا تجوز إلا بالخطبة يخطب الإمام خطبتين يفصل بينهما بقعدة خفيفة، وإن اقتصر على ذكر الله تعالى جاز، والأولى أن يخطب قائمًا طاهرًا، فإن خطب قاعدًا أو على غير وضوء جاز، ولا بد من الجماعة، ومن لا تجب عليه إذا صلاها أجزأته عن الظهر وإن أم فيها جاز، ومن صلى الظهر يوم الجمعة بغير عذر جاز ويكره، فإن شاء أن يصلي الجمعة بعد ذلك يبطل ظهره بالسعي، ويكره لأصحاب الأعذار أن يصلوا الظهر يوم الجمعة جماعةً في المصر، وإذا خرج الإمام يوم الجمعة استقبله الناس واستمعوا وأنصتوا؛ وتكره الصلاة والإمام يخطب فإذا أذن الأذان الأول توجهوا إلى الجمعة، وإذا صعد الإمام المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يديه الأذان الثاني، فإذا أتم الخطبة أقاموا‏.‏

باب صلاة العيدين

وتجب على من تجب عليه صلاة الجمعة، وشرائطها كشرائطها إلا الخطبة‏.‏ ويستحب يوم الفطر للإنسان أن يغتسل ويستاك، ويلبس أحسن ثيابه‏.‏

ويتطيب ويأكل شيئًا حلوًا تمرًا أو زبيبًا أو نحوه، ويخرج صدقة الفطر ثم يتوجه إلى المصلي، ووقت الصلاة من ارتفاع الشمس إلى زوالها‏.‏ ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر تكبيرة الإحرام وثلاثًا، يعدها ثم يقرأ الفاتحة وسورةً، ثم يكبر ويركع، ويبدأ في الثانية بالقراءة ثم يكبر ثلاثًا، وأخرى للركوع، ويرفع يديه في الزوائد، ويخطب بعد الصلاة خطبتين يعلم الناس فيهما صدقة الفطر، فإن شهد برؤية الهلال بعد الزوال صلوها من الغد، ولا يصلوها بعد ذلك‏.‏

يستحب في يوم الأضحى ما يستحب في يوم الفطر إلا أنه يؤخر الأكل بعد الصلاة، ويكبر في طريق المصلي جهرًا، ويصليها كصلاة الفطر، ثم يخطب خطبتين يعلم الناس فيهما الأضحية وتكبير التشريق، فإن لم يصلوها أول يوم صلوها من الغد وبعده، والعذر وعدمه سواء‏.‏

وتكبير التشريق‏:‏ الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله الله أكبر ولله الحمد، وهو واجب عقيب الصلوات المفروضات في جماعات الرجال المقيمين بالأمصار من عقيب صلاة الفجر يوم عرفة إلى عقيب صلاة العصر أول أيام النحر ثمان صلوات‏.‏

باب صلاة الخوف

وهي أن يجعل الإمام الناس طائفتين‏:‏ طائفةً أمام العدو، وطائفةً يصلي بهم ركعةً إن كان مسافرًا، وركعتين إن كان مقيمًا، وكذلك في المغرب، وتمضي إلى وجه العدو، وتجئ تلك الطائفة فيصلي بهم باقي الصلاة ويسلم وحده، ويذهبون إلى وجه العدو، وتأتي الأولى فيتمون ضلاتهم بغير قراءة ويسلمون ويذهبون، وتأتي الأخرى فيتمون صلاتهم بقراءة ويسلمون‏.‏

ومن قاتل أو ركب فسدت صلاته، فإذا اشتد الخوف صلوا ركبانًا وحدانا يومئون إلى أي جهة قدروا، ولا تجوز الصلاة ماشيًا، وخوف السبع كخوف العدو‏.‏

باب الصلاة في الكعبة

يجوز فرض الصلاة ونفلها في الكعبة وفوقها، فإن قام الإمام في الكعبة وتحلق المقتدون حولها جاز، وإن كانوا معه جاز، إلا من جعل ظهره إلى وجه الإمام، وإذا صلى الإمام في المسجد الحرام تحلق الناس حول الكعبة وصلوا بصلاته‏.‏

باب الجنائز

ومن احتضر وجه إلى القبلة على شقه الأيمن، ولقن الشهادة، فإن مات شدوا لحييه وغمضوا عينيه، ويستحب تعجيل دفنه‏.‏

ويجب غسله وجوب كفاية، ويجرد للغسل ويوضع على سرير مجمر وترًا، وتستر عورته، ويوضأ للصلاة إلا المضمضة والاستنشاق، ويغلي الماء بالسدر أو بالحرض إن وجد ويغسل رأسه ولحيته بالخطمى من غير تسريح، ويضجع على شقه الأيسر فيغسل حتى يعلم وصول الماء تحته، ثم يضجع على شقه الأيمن فيغسل كذلك، ثم يجلسه ويمسح بطنه، فإن خرج منه شيء غسله، ولا يعيد غسله، ثم ينشفه بخرقة، ويجعل الحنوط على رأسه ولحيته‏.‏ والكافور على مساجده‏.‏ ثم يكفنه في ثلاثة أثواب بيض مجمرة‏:‏ قميص، وإزار، ولفافة، وهذا كفن السنة‏.‏

وصفته‏:‏ أن تبسط اللفافة ثم الإزار فوقها ثم يقمص، وهو من المنكب إلى القدم، ويوضع الإزار وهو من القرن إلى القدم، ويعطف عليه من قبل اليسار ثم من قبل اليمين، فإن اقتصروا على إزار ولفافة جاز، ولا يقتصر على واحد إلا عند الضرورة، ويعقد الكفن إن خيف انتشاره، ولا يكفن إلا فيما يجوز لبسه له، وكفن المرأة كذلك، وتزاد خمارًا وخرقةً تربط فوق ثدييها، فإن اقتصروا على ثوبين وخمار جاز، ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق القميص تحت اللفافة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الصلاة على الميت‏]‏

الصلاة على الميت فرض كفاية، وأولى الناس بالإمام فيها السلطان ثم القاضي ثم إمام الحي ثم الأولياء الأقرب فالأقرب، إلا الأب فإنه يقدم على الابن، وللولي أن يصلي إن صلى غير السلطان أو القاضي، فإن صلى الولي فليس لغيره أن يصلي بعده، وإن دفن من غير صلاة صلوا على قبره ما لم يغلب على الظن تفسخه، ويقوم الإمام حذاء الصدر للرجل والمرأة‏.‏

والصلاة أربع تكبيرات، ويرفع يديه في الأولى ولا يرفع بعدها، يحمد الله تعالى بعد الأولى، ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الثانية، ويدعو لنفسه وللميت وللمؤمنين بعد الثالثة، ويسلم بعد الرابعة، ويقول في الصبي بعد الثالثة‏:‏ اللهم اجعله لنا فرطًا وذخرًا شافعًا مشفعًا، ولا قراءة فيها ولا تشهد؛ ومن استهل وهو أن يسمع له صوت سمي وغسل وصلي عليه، وإلا أدرج في خرقة ولم يصل عليه، فإذا حملوه على سريره أخذوا بقوائمه الأربع وأسرعوا به دون الخبب، فإذا وصلوا إلى قبره كره لهم أن يقعدوا قبل أن يوضع على الأرض، والمشي خلفها أفضل، ويحفر القبر ويلحد، ويدخل الميت من جهة القبلة ويقول واضعه‏:‏ بسم الله وعلى ملة رسول الله، ويوجهه إلى القبلة على شقه الأيمن، ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد، ولا يسجى قبر الرجل ويسوي اللبن على اللحد، ثم يهال التراب عليه، ويسنم القبر، ويكره بناؤه بالجص والآجر والخشب، ويكره أن يدفن اثنان في قبر واحد إلا لضرورة، ويجعل بينهما، تراب؛ ويكره وطء القبر والجلوس والنوم عليه والصلاة عنده؛ وإذا مات للمسلم قريب كافر غسله غسل الثوب النجس، ويلفه في ثوب ويلقيه في حفيرة، وإن شاء دفعه إلى أهل دينه‏.‏

باب الشهيد

وهو من قتله المشركون، أو وجد بالمعركة جريحًا، أو قتله المسلمون ظلمًا ولم يجب فيه مال، فإنه لا يغسل إن كان عاقلًا بالغًا طاهرًا، ويصلي عليه ويكفن في ثيابه، وينقص ويزاد مراعاةً لكفن السنة، وينزع عنه الفرو والحشو والسلاح والخف والقلنسوة، فإن أكل، أو شرب، أو تداوى، أو أوصى بشيء من أمور الدنيا، أو باع، أو اشترى، أو صلى، أو حمل من المعركة حيًا، أو آوته خيمة، أو عاش أكثر من بوم وهو يعقل غسل، والمقتول حدًا أو قصاصًا يغسل ويصلي عليه؛ والبغاة وقطاع الطريق لا يصلي عليهم‏.‏

كتاب الزكاة

ولا تجب إلا على الحر المسلم العاقل البالغ إذا ملك نصابًا خاليًا عن الدين فاضلًا عن حوائجه الأصلية ملكًا تامًا في طرفي الحول‏.‏

ولا يجوز أداؤها إلا بنية مقارنة لعزل الواجب أو للأداء؛ ومن تصدق بجميع ماله سقطت وإن لم ينوها، ولا زكاة في المال الضمار، وتجب في المستفاد المجانس ويزكيه مع الأصل‏.‏ وتجب في النصاب دون العفو، وتسقط بهلاك النصاب بعد الجول، وإن هلك بعضه سقطت حصته، ويجوز فيها دفع القيمة، ويأخذ المصدق وسط المال؛ ومن ملك نصابًا فعجل الزكاة قبل الحول لسنة أو أكثر، أو لنصب جاز‏.‏

باب زكاة السوائم

السائمة التي تكتفي بالرعي في أكثر حولها، فإن علفها نصف الحول أو أكثره فليست بسائمة‏.‏

والإبل تتناول البخت والعراب‏.‏ والبقر يتناول الجواميس أيضًا؛ والغنم الضأن والمعز‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏زكاة الإبل‏]‏

ليس في أقل من خمس من الإبل السائمة زكاة، وفي الخمس شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، وهي التي طعنت في السنة الثانية، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وهي التي طعنت في الثالثة، وفي ست وأربعين حقة، وهي التي طعنت في الرابعة، وفي إحدى وستين جذعة، وهي التي طعنت في الخامسة، وفي ست وسبعين بنتًا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين، ثم في الخمس شاة كالأول إلى مائة وخمس وأربعين ففيها حقتان، وبنت مخاض إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق، ثم في الخمس شاة كالأول إلى مائة وخمس وسبعين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض، وفي مائة وست وثمانين ثلاث حقاق وبنت لبون، وفي مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين، ثم تستأنف أبدًا كما استؤنفت بعد المائة والخمسين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏زكاة البقر‏]‏

ليس في أقل من ثلاثين من البقر شيء، وفي ثلاثين تبيع أو تبيعة، وهي التي طعنت في الثانية، وفي أربعين مسن أو مسنة، وهي التي طعنت في الثالثة، وما زاد بحسابه إلى ستين، وفي ستين تبيعان أو تبيعتان، وفي سبعين مسنة وتبيع، وفي ثمانين مسنتان، وعلى هذا ينتقل الفرض في كل عشرة من تبيع إلى مسنة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏زكاة الغنم‏]‏

ليس في أقل من أربعين شاة صدقة، وفي أربعين شاةً إلى مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان إلى مائتين وواحدة ففيها ثلاث شياه، إلى أربعمائة ففيها أربع شياه، ثم في كل مائة شاة، وأدنى ما تتعلق به الزكاة، ويوخذ في الصدقة الثني، وهو ما تمت له سنة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏زكاة الخيل‏]‏

من كان له خيل سائمة ذكور وإناث؛ أو إناث، فإن شاء أعطى عن كل فرس دينارًا، وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم‏.‏

ولا زكاة في البغال والحمير، ولا في العوامل والعلوفة، ولا في الفصلان والحملان والعجاجيل إلا أن يكون معها كبار، ولا في السائمة المشتركة إلا أن يبلغ نصيب كل شريك نصابًا، ومن وجب عليه سن فلم يوجد عنده أخذ منه أعلى منه ورد الفضل، أو أدنى منه وأخذ الفضل‏.‏

باب زكاة الذهب والفضة

وتجب في مضروبهما وتبرهما وحليهما وآنيتهما نوى التجارة أو لم ينو إذا كان ذلك نصابًا، ويضم أحدهما إلى الآخر بالقيمة، ونصاب الذهب عشرون مثقالًا وفيه نصف مثقال، ثم في كل أربعة مثاقيل قيراطان‏.‏ ونصاب الفضة مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم، ثم في كل أربعين درهمًا درهم، وتعتبر فيهما الغلبة، فإن كانت للغش فهي عروض، وإن كانت للفضة فهي فضة، وكذلك الذهب، والمعتبر في الدراهم كل عشرة وزن سبعة مثاقيل ولا زكاة في العروض إلا أن تكون للتجارة، وتبلغ قيمتها نصابًا من أحد التقدين وتضم قيمتها إليهما‏.‏